من عجائب الدنيا… إلى عجائب الإهمال

في مشهدٍ يثير الغضب والأسف، تحوّل أحد أبرز المعالم السياحية الأثرية، والذي كان مرشّحاً في وقتٍ سابق للدخول في لائحة عجائب الدنيا، إلى مسرحٍ لسهرة عرس صاخبة خالفت كلّ القوانين والمعايير التي وُضعت لحماية هذا الإرث التاريخي. فبدلاً من أن يبقى الموقع رمزاً للجمال الطبيعي والتراث الإنساني، استُبيحت حرمته تحت أضواء الموسيقى الصاخبة والاحتفالات الخاصة.

إنّ ما حدث يُعدّ اعتداءً واضحاً على القيمة الحضارية للمكان، واستهتاراً بقدسيّته التي يجب أن تبقى مصونة من أيّ نشاطٍ تجاري أو احتفالي يعرّضه للتلف أو يشوّه صورته أمام الزائرين والسياح. فالمواقع الأثرية ليست قاعات مناسبات، بل ذاكرة وطنية وشاهد على تاريخٍ لا يُقدّر بثمن.

كم أصبح مثيراً للشفقة بلدنا الحبيب، لا يعرف من أين تأتيه المصائب الواحدة تلو الأخرى ولا يعرف حتى على من يقع اللوم، أعلى وزارة السياحة التي يُفترض أن تكون الحارس الأول لهذه المواقع، فقد سمحت – بصمتها أو بإهمالها – بحدوث هذا الانتهاك، متناسية دورها في الرقابة الصارمة وصون التراث الوطني.

او على البلدية المعنية التي لم تقم بدورها في منع استغلال المعلم لأغراضٍ خاصة، رغم وضوح القوانين التي تمنع مثل هذه الأنشطة داخل المواقع المصنّفة.

أو على أصحاب العرس على فكرتهم “الجهنّمية”  والذين أظهروا استخفافاً فاضحاً بالمكان وبقيمته التاريخية، معتبرين أنّ المال والسطوة يمكن أن يفتحا الأبواب أمامهم أينما شاءوا، ولو على حساب ذاكرة وطن بأكمله.

إنّ تحويل المعالم الأثرية إلى ساحات للولائم هو إهانة للتاريخ، وخيانة للأمانة التي وُضعت بين أيدينا. فهل نحتاج إلى كارثة جديدة لندرك أنّ حماية التراث لا تحتمل التساهل؟